رسالة إلى صديقي
أي صديقي
إنك الآن تدرس في إنجلترا, بعد أن أكملت دراستك في هذه البلاد. والذين درسوا قبلك في أوربا أشكال وألوان, ويمكن تقسيمهم إلى مجموعات
فمنهم من شعر بأن حريته في هذه البلاد كانت مفقودة, فرآها في أوربا موفورة, فقد تحرر من رقابة الأبوين, ورقابة المدرسة, وأصبح أمير نفسه, ليس عليه رقيب ولا حسيب, ورأى اللهو في أوربا كثيرا فانغمس فيه, ووجه إليه كل ماله وتفكيره ووقته, نهاره نائم, وليله عابث, وهو يلهو, ويحصل على المال من والديه بكل وسيلة, فهو محتاج إلى شراء كثير من الكتب. وكل ما يصل إليه من مال يصرفه في شهواته, وأخيرا ينتهي الأمر بمأساة, ويعود إلى بلده, دون علم وأخلاق, لا يصلح لعمل بعد أن فسدت نفسه ومات ضميره, وذهب علمه وأخلاقه
ومن الدارسين في أوربا من كانوا على العكس من ذلك, وهم أقل عددا, وهؤلاء عكفوا على دروسهم بكل جد, ولم يعرفوا غير حجرتهم وكتبهم وجامعتهم وطريقهم من البيت إلى الجامعة, حتى نالوا الدرجة العلمية, ثم عدوا يحملون شهادتهم. هؤلاءقد نمت عقولهم وزاد علمهم, ولكنهم لم تتفتح قلوبهم. وهؤلاء الآخرون لا يعجبونني كما لم يعجبني الأولون. وهناك مجموعة ثالثة هي التي تعجبني, وهي التي أحب أن تكون مثلها, هؤلاء قد فهموا رسالتهم. فهموا أنهم إنما سافروا ليدرسوا علما وأخلاقا, فهم يرون في كل منظر درسا, وفي كل خطوة نفعا, ويعودون إلى بلدهم, وقد نالوا علما كثيرا وخبرة مفيدة.
وكما اختلف الدارسون في أوربا, اختلفوا كذلك في سلوكهم بعد عودتهم إلى بلادهم. فمنهم الذي عاد إلى بلاده يشيد بالهو في أوربا, ويصف مغامراته, ويعلن أنه يتمنى العودة إلى النعيم, الذي كان يستمتع به هناك.
ومنهم من عاد, فكأنه لم يخرج من بلده, إلا علما ناله أو شهادة حصل عليها, أم نظرته إلى الحياة فلم يتغير منها شيء. ومن من استفاد كثيرا من أوربا في علمه ونظرته إلى الحياة, ولكنه عندما عاد إلى بلده, أصابه اليأس. شاهد الفوضى والقذارة, وقارن بين ما كان يعيش فيه في بلده من نظام ونظافة, وما أصبح يعيش في بلده من اضطراب وظلم وقذارة, وحاول أول الأمر أن يغير شيئا من ذلك فلم يستطع, فاستسلم.
كل هؤلاء يا صديقي, قد رأيت نماذج منهم, ولا أحب أن تكون أحدهم, وإنما أحب إذا عدت إلى بلدك وقد نلت علما ونفسا وقلبا, أن تنظر إلى عيوب قومك, فترحمهم, وتحتهد ما إمكنك في إصلاحهم, فإن لم يمكنك الإصلاح العام, فحاول الإصلاح في بيئتك الخاصة, في طلبتك الذين تعلمهم, والأساتذة الذين تخالطهم, والبيت الذي تنشئه, والصديق الذي تجالسه, فإذا اتسعت إرادتك وشغلت منصبا كبيرا استطعت أن تعمم إصلاحك.
إن كثيرا من كانوا قبلك قد فسدوا, لأنهم سافروا لأخذ شهادة, وعدوا لأخذ وظيفة. فليكن سفرك أنت للمعرفة والعلم, وعودتك للإصلاح والنفع والله يوفقك
فمنهم من شعر بأن حريته في هذه البلاد كانت مفقودة, فرآها في أوربا موفورة, فقد تحرر من رقابة الأبوين, ورقابة المدرسة, وأصبح أمير نفسه, ليس عليه رقيب ولا حسيب, ورأى اللهو في أوربا كثيرا فانغمس فيه, ووجه إليه كل ماله وتفكيره ووقته, نهاره نائم, وليله عابث, وهو يلهو, ويحصل على المال من والديه بكل وسيلة, فهو محتاج إلى شراء كثير من الكتب. وكل ما يصل إليه من مال يصرفه في شهواته, وأخيرا ينتهي الأمر بمأساة, ويعود إلى بلده, دون علم وأخلاق, لا يصلح لعمل بعد أن فسدت نفسه ومات ضميره, وذهب علمه وأخلاقه
ومن الدارسين في أوربا من كانوا على العكس من ذلك, وهم أقل عددا, وهؤلاء عكفوا على دروسهم بكل جد, ولم يعرفوا غير حجرتهم وكتبهم وجامعتهم وطريقهم من البيت إلى الجامعة, حتى نالوا الدرجة العلمية, ثم عدوا يحملون شهادتهم. هؤلاءقد نمت عقولهم وزاد علمهم, ولكنهم لم تتفتح قلوبهم. وهؤلاء الآخرون لا يعجبونني كما لم يعجبني الأولون. وهناك مجموعة ثالثة هي التي تعجبني, وهي التي أحب أن تكون مثلها, هؤلاء قد فهموا رسالتهم. فهموا أنهم إنما سافروا ليدرسوا علما وأخلاقا, فهم يرون في كل منظر درسا, وفي كل خطوة نفعا, ويعودون إلى بلدهم, وقد نالوا علما كثيرا وخبرة مفيدة.
وكما اختلف الدارسون في أوربا, اختلفوا كذلك في سلوكهم بعد عودتهم إلى بلادهم. فمنهم الذي عاد إلى بلاده يشيد بالهو في أوربا, ويصف مغامراته, ويعلن أنه يتمنى العودة إلى النعيم, الذي كان يستمتع به هناك.
ومنهم من عاد, فكأنه لم يخرج من بلده, إلا علما ناله أو شهادة حصل عليها, أم نظرته إلى الحياة فلم يتغير منها شيء. ومن من استفاد كثيرا من أوربا في علمه ونظرته إلى الحياة, ولكنه عندما عاد إلى بلده, أصابه اليأس. شاهد الفوضى والقذارة, وقارن بين ما كان يعيش فيه في بلده من نظام ونظافة, وما أصبح يعيش في بلده من اضطراب وظلم وقذارة, وحاول أول الأمر أن يغير شيئا من ذلك فلم يستطع, فاستسلم.
كل هؤلاء يا صديقي, قد رأيت نماذج منهم, ولا أحب أن تكون أحدهم, وإنما أحب إذا عدت إلى بلدك وقد نلت علما ونفسا وقلبا, أن تنظر إلى عيوب قومك, فترحمهم, وتحتهد ما إمكنك في إصلاحهم, فإن لم يمكنك الإصلاح العام, فحاول الإصلاح في بيئتك الخاصة, في طلبتك الذين تعلمهم, والأساتذة الذين تخالطهم, والبيت الذي تنشئه, والصديق الذي تجالسه, فإذا اتسعت إرادتك وشغلت منصبا كبيرا استطعت أن تعمم إصلاحك.
إن كثيرا من كانوا قبلك قد فسدوا, لأنهم سافروا لأخذ شهادة, وعدوا لأخذ وظيفة. فليكن سفرك أنت للمعرفة والعلم, وعودتك للإصلاح والنفع والله يوفقك
صاحبك....
nur el-huda, 4 Ibril 08, Jumu'ah,
cheras, Kuala Lumpur ~*
0 comments:
Post a Comment